بقلم : أ.د. أبو محمد الهاشمي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله .. وبعد :
قال تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } [ 13 الحجرات ] ، وقال تعالى : { وفصيلته التي تؤويه } [ 13 المعارج ] ،
وقال تعالى : { وأنذر عشيرتك الأقربين } [ 21 الشعراء ] .
هذه بعض تقسيمات المجتمع القبلي المذكورة في القرآن الكريم ، وقد اختلف علماء الأنساب في تسمياتها وتقسيماتها ولعل أفضلها ما ذكره الماوردي في ( الأحكام السلطانية ) وهي : شعب ، ثم قبيلة ، ثم عمارة ، ثم بطن ، ثم فخذ ، ثم فصيلة ([1]) .
ولقد كان استقرار العرب في أرض الرافدين قديماً جداً يرقى تأريخ وجودهم إلى زمن ( بخت نصّر ) حيث غزا التجار العرب " فأخذهم وبنى لهم حَيْراً بالنجف وحبسهم فيه ووكّل بهم وانتشر الخبر في العرب فخرجت إليه طوائف منهم مستأمنين فقبلهم وعفا عنهم فأنزلهم السواد فابتنوا الأنبار وخلّى عن أهل الحيرة فاتخذوها منزلاً حياة ( بخت نصّر ) فلما مات انضمّوا إلى أهل الأنبار وهذا أول سكنى العرب السواد بالحيرة والأنبار " ([2]) .
ولما تم الفتح الإسلامي لبلاد الرافدين كان هنالك العديد من القبائل العربية العريقة مستقرة فيها كإياد ، وتغلب ، وقضاعة ، وطيء ، وتميم ، وبكر بن وائل والقبائل التنوخية - مزيج من قحطان وعدنان - وزاد عليها بفعل توسع رقعة الفتوحات استيطان العديد من القبائل حيث ساهمت الدولة في إقطاعهم الأراضي حيث تم تنظيم الخطط على أساس قبلي ( بشكل عام ) .
ويعد العراق أكثر البلاد العربية جمع ضمن حدوده المعروفة قبائل كثيرة ومختلفة ولا ريب في ذلك لأن العراق هو الامتداد الطبيعي المتصل بجزيرة العرب واليمن .
والنسيج القبلي الواسع المتشعب في العراق يثير التساؤل و يشغل فكر كل باحث في هذا الشأن في أسباب قوته وعدم اضمحلاله وتلاشيه حتى الوقت الحاضر ولعل أبرزها وأقواها هي :
أولاً : وجود معظم القبائل العربية فهو مجمع ضم قبائل الجزيرة واليمن وهذا يثير الشعور بالقوة والعزة والمنعة عند العربي خاصة وهو يحادد في هذه البلاد الفرس الذين يختلفون في طباعهم وعاداتهم وتقاليدهم ، يقول العزاوي : " والقبائل العراقية كثيرة وغالبها قحطانية وقسم منها عدنانية وبينها ما هو متردد بين العدنانية والقحطانية مثل إياد وإنمار .. ولهذه القبائل فروع كثيرة ولا نجد بين هؤلاء ما هو خارج عن الجذمين القحطاني والعدناني . ولكننا نرى بعضها يعزى إلى العاربة الأولى البائدة ... " ([3]) .
وعلل العزاوي أيضاً طول بقائهم بما يلي :
ثانياً : كانوا أكثر الأمم مراعاة للمصالح ، وتمرناً على الحروب والمناجزة أو المتاركة تبعاً للأوضاع والحالات القاهرة أو الظروف المقتضية والبواعث الجابرة ، ذلك ما دعا أن يطول بقاؤهم في العراق رغم النفرة بينهم وبين المالكين لزمام الملك ... ([4]) .
ثالثاً : الوجود التأريخي للعرب الموغل في القدم في أرض العراق .
رابعاً : وجود إمارات عربية عديدة قديمة في العراق كإمارة الحضر ، والأزد ( التنوخية ) ، ولخم الأولى ،
والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، وكندة ، وطيء ([5]) .
خامساً : وجود عدد غير قليل من آل بيت النبي الكريم r منهم علي ، والحسين ، والعباس ، وموسى الكاظم ومحمد الجواد ، وعلي الهادي ، والحسن العسكري رضي الله عنهم ورحمهم .
وكذلك الكم الكبير من صحابة رسول الله r الذين نزلوا أرض العراق ، ومساهمتهم في الفتوح الإسلامية حيث كان العراق قاعدة الانطلاق للفتوح ولقد كان نصيب الكوفة في الصحابة كبيراً إذ هبط فيها ثلاثمائة من أصحاب الشجرة وسبعون من أهل بدر ([6]) ، أهل الشجرة الذين قال فيهم الله عز وجل : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة
عليهم } [ 18 الفتح ] وأما أهل بدر فقد أثنى عليهم بقوله عز وجل : { قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله ... } [ 13 آل عمران ] .
وبقوله هو جل وعلا يشهد لهم بالإيمان : { هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين
قلوبهم ... } [ 62 الأنفال ] ، وكذلك البصرة حيث نزلها ما يزيد على ( 230 ) صحابي([7]) عدا صحابة آخرين دفنوا في أماكن مختلفة ، كحذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي في المدائن قرب قصر كسرى . ومعروف مكانة الصحابة رضي الله عنهم وتعليمهم وإرشادهم لمن ينزلون بينهم في الأمصار الإسلامية الجديدة ويوجد في الوقت الحاضر الكثير من الأسر التي تنتمي إلى عدد من الصحابة رضي الله عنهم . ووجود الكم الكبير الهائل من المصلحين والمفسرين والمحدثين والفقهاء والعلماء في مختلف العلوم الشرعية وغيرها .
سادساً : قيام الدولة الإسلامية وبقائها حتى عام 656 ﻫ . كان له الدور الحضاري العظيم والمؤثر في نفوس أبناء المسلمين الذين ينتمون إلى قبائل مختلفة .
سابعاً : وجود شيوخ العديد من كبريات القبائل العربية في العراق أمثال شيوخ شمر ، وعَنَزة ، وربيعة ، والعبيد ، والجبور ، والزبيد ويعودون الثلاثة إلى جد واحد من ( حِمْيَر ) .
ثامناً : التزام أبناء القبائل بـ( القانون ) المتعارف عليه عندهم ، واحتكامهم إليه وقوة سلطة ( شيخ القبيلة ) وخاصة في سوء أو ضعف إدارة الدولة حيث يلجأ أفراد القبيلة إلى شيخهم الذي يعتبر سلطة تشريعية وتنفيذية وكل ما يتعلق بقبيلته وصلتها بغيرها من القبائل ، وقد صنف بعض شيوخ وأبناء القبائل وبعض الباحثين كتباً في ذلك ([8]) .
تاسعاً : الأحلاف التي تعقد بين القبائل المختلفة كحلف المنتقق - المنتفج - ، والزبيد ، والدليم ، والعبيد ، وبني لام وربيعة ... فالقبيلة تقوى بتحالفها مع القبيلة الأخرى المجاورة لها في الأرض ، وهذا حلف المنتفق المكون من الأجود وبني مالك وبني سعيد بزعامة الشيخ ( الشريف ) شبيب بن مانع كونوا إمارة بقيت قرابة
( 4 ) قرون ([9]) .
السبت 07 نوفمبر 2009, 3:30 am من طرف زائر
» نسب عائلة سليمان التى تقطن فى مركز المنيا قرية صفط الغربية
السبت 07 نوفمبر 2009, 3:25 am من طرف زائر
» البحث عن أصل عائلة الصيفي
السبت 10 أكتوبر 2009, 10:13 am من طرف زائر
» الملحدون و ابوحنيفة
الأحد 04 أكتوبر 2009, 4:50 am من طرف الشافعي
» قبيلة الكلاحين العربية الكريمة
الأحد 04 أكتوبر 2009, 2:50 am من طرف م ايمن زغروت
» عربان العطايات بالصعيد
السبت 03 أكتوبر 2009, 3:16 am من طرف احمد القرعانى
» انساب عائلات و قبائل مصر
الجمعة 02 أكتوبر 2009, 4:58 am من طرف ابن الصمت
» انساب عائلات و قبائل محافظة الغربية
الجمعة 02 أكتوبر 2009, 4:11 am من طرف محمود
» كاريكايتيرات عربية مؤلمة
الخميس 01 أكتوبر 2009, 5:24 pm من طرف الشافعي