القبائل والعشائر الكردية في سورية
تركي علي الربيعو
موقع الرأي: 24/06/2009
في كتابه "المجتمع والدولة في المشرق العربي، 1987"، يكتب غسان سلامة في معرض حديثه عن السياق القبلي الذي يحكم النسق السياسي عند القادة الاكراد: "الروح القبلية قوية للغاية بين الاكراد، ومن الصعب حتى اليوم على اي كردي ان يلعب دوراً سياسياً بارزاً ان لم يكن في اصوله من شيوخ القبائل".
وهذا ما يؤكده جوناثان راندل في كتابه المهم "أمة في شقاق" دروب كردستان كما سلكتها، ،1997 والذي يعد واحدا من اهم الكتب في حماسته للاكراد وقضيتهم واكثرها شمولية في معالجته للمسألة الكردية وارتهاناتها ومستقبلها. يقول راندل المنتعل حذاء ايطاليا بهدف تسلق جبال كردستان لمعرفة اسرارها باعتبارها ارض "الألف ثورة والف حسرة" كما يشهد على ذلك عنوان الفصل الاول من كتابه: "ان الصراعات القبلية في كردستان، قوية الى درجة انه في حال انضمام زعيم احدى القبائل الى الحركة القومية، فان زعيم القبيلة المنافسة قد يقف على الحياد، او قد يأخذ اموالا واسلحة من الحكومة للقتال الى جانب قواتها ولم تقتصر الصراعات على القبائل، بل شملت ايضا العشائر".
يستنتج مما سبق، ان القبيلة هي واحدة من اهم محددات العقل السياسي الكردي وبذلك يمكن القول ان العقل السياسي الكردي يعكس على مرآته السياسية صورة دقيقة بحكم المجاورة والولاء والعقيدة للعقل السياسي العربي. بصورة اخرى، نجد ان العقل السياسي الكردي يستعير معظم بواعث التعبير عبر طموحاته السياسية من العقل السياسي العربي الذي هو في النهاية عقل القبيلة والغنيمة والعقيدة كما بيّن ذلك المفكر المغاربي محمد عابد الجابري في دراسته الرائدة عن ذلك.
اعود للقول ان الذات الكردية الجريحة كغيرها من الذوات الاخرى المجروحة في الشرق الاوسط، وعلى حد تعبير الكاتب العراقي سليم مطر في كتابه "الذات الجريحة"، لم تنجز ابحاثا في مجال العقل السياسي الكردي ولا في مجال القبيلة الكردية، وترك المجال نهبا للانطباعات النفسانية التي يحلو لها الحديث في غالب الاحيان عن خصائص اسطورية كالشجاعة والصبر تنفرد بها الشخصية الكردية عن غيرها، وهذا ما يقع به غالبية الباحثين في تاريخ كردستان مع ان هذا التاريخ كما يقول راندل حافل بالخيارات والغدر. والمفارقة ان الدراسة الاولى عند العشائر العراقية، وهي ريادية بكل معنى الكلمة مع انها لم تتجاوز حدود الوصف، هي الدراسة التي قام بها المحامي العراقي عباس العزاوي عن عشائر العراق والتي انطوت على اربعة مجلدات خص واحدا منها بالعشائر الكردية في شمال العراق.
في موازاة عمل العزاوي الضخم، كان احمد وصفي زكريا قد انجز كهاوٍ دراسته عن "عشائر بلاد الشام" في جزأين، وقد خص العشائر الكردية بما يقارب الـ20 صفحة من مجلده الضخم، وقد كان رياديا في بحثه ومع انه لم يكن انتربولوجياً كما اسلفنا. وفي رأيي، ان غياب الدراسات التي ألفها الكرد عن القبيلة الكردية، يرتد الى عوامل عدة، اولها التكوين الايديولوجي للانتليجنسيا الكردية التي تشكل معظمها في اطار الخطاب الماركسوي المعادي للقبيلة والعشيرة والذي بقي على طول مساره يعاني من فقر ثقافي مزمن، وثانيها: غياب التقاليد الانثروبولوجية وانحسارها في الجامعات الشرق الاوسطية، وثالثها: المكانة القوية لزعماء القبائل الكردية حيث تأتي الدراسة الانتروبولوجية الوصفية لتعزز من مكانتهم على حساب الانتليجنسيا الواعدة.
يتوزع الاكراد في عشائر وقبائل تمتد على طول الحدود السورية - التركية ابتداء من منطقة المالكية على الحدود السورية العراقية التركية وصولا الى شمال حلب حيث منطقة عفرين الحدودية. ويخضع عددهم امام غياب احصاء دقيق الى مبالغتين، فالخطاب السياسي الكردي الذي يستبطن كثيرا من المبالغة، يصل بالعدد الى مليونين وهو رقم مبالغ فيه ويمثل بحق احدى افرازات الذات الكردية الجريحة، والثاني هو تقديرات الدولة وهي غير رسمية، تسعى الى خفض عدد الاكراد الى ما يقارب النصف مليون.
وفي هذا السياق تسعى بعض التقديرات التي يسوقها بعض الخبراء من خارج المنطقة الى تقديم تقديرات موضوعية في هذا المجال، ففي كتابه "المجتمع والدولة في المشرق العربي" يقدر غسان سلامة عددهم بما يقارب 750 الفا بحيث يشكلون 8% من عدد السكان البالغ عشرة ملايين، وذلك اعتمادا على دراسة ديفيد ماكدول David Mcdowall عن "الاكراد" الصادرة في لندن عام .1985 ويذهب راندل الى القول "ان عدد اكراد سورية لا يتجازوز حدود المليون نسمة" ويشكلون 9% من الشعب السوري. ونحن نرجح ما جاء في دراسة غسان سلامة وذلك بعيدا عن مبالغات راندل الخطابية وحماسته الايديولوجية؟
يتوزع الاكراد كما اسلفنا، على وحدات عشيرية صغيرة واخرى قبلية كبيرة الحجم، وتمتد هذه الوحدات على طول الحدود السورية التركية، وتبدو هذه الوحدات في اجلى صورها في منطقة الجزيرة السورية، وذلك مع انقطاعات تغطيها بعض القبائل العربية كقبيلة طيء التي تمتد من الحدود التركية، وبالضبط من مدينة نصيبين التركية التاريخية حتى جبل سنجار داخل الحدود العراقية، وتغطيها بعض المدن التي باتت بمثابة بواصل وحواضر مدينية تقطع مع النزعة القبلية كمدينة القامشلي ومدن عامودا والدرباسية ورأس العين التي يمكن القول، وبالاخص في ما يتعلق بالمدن الثلاث الاخيرة، انها قد تكرّدت ان جاز التعبير، بعد هجرة سكانها الاصليين من مسيحيين وارمن وفئات مدينية نزحت من ماردين وديار بكر بعد ان تم ضمها الى تركيا، وكانوا حتى العام 1925 ضمن الخطوط الحدودية لدولة فيصل الاول في اطار اتفاق سايكس - بيكو.
تركي علي الربيعو
موقع الرأي: 24/06/2009
في كتابه "المجتمع والدولة في المشرق العربي، 1987"، يكتب غسان سلامة في معرض حديثه عن السياق القبلي الذي يحكم النسق السياسي عند القادة الاكراد: "الروح القبلية قوية للغاية بين الاكراد، ومن الصعب حتى اليوم على اي كردي ان يلعب دوراً سياسياً بارزاً ان لم يكن في اصوله من شيوخ القبائل".
وهذا ما يؤكده جوناثان راندل في كتابه المهم "أمة في شقاق" دروب كردستان كما سلكتها، ،1997 والذي يعد واحدا من اهم الكتب في حماسته للاكراد وقضيتهم واكثرها شمولية في معالجته للمسألة الكردية وارتهاناتها ومستقبلها. يقول راندل المنتعل حذاء ايطاليا بهدف تسلق جبال كردستان لمعرفة اسرارها باعتبارها ارض "الألف ثورة والف حسرة" كما يشهد على ذلك عنوان الفصل الاول من كتابه: "ان الصراعات القبلية في كردستان، قوية الى درجة انه في حال انضمام زعيم احدى القبائل الى الحركة القومية، فان زعيم القبيلة المنافسة قد يقف على الحياد، او قد يأخذ اموالا واسلحة من الحكومة للقتال الى جانب قواتها ولم تقتصر الصراعات على القبائل، بل شملت ايضا العشائر".
يستنتج مما سبق، ان القبيلة هي واحدة من اهم محددات العقل السياسي الكردي وبذلك يمكن القول ان العقل السياسي الكردي يعكس على مرآته السياسية صورة دقيقة بحكم المجاورة والولاء والعقيدة للعقل السياسي العربي. بصورة اخرى، نجد ان العقل السياسي الكردي يستعير معظم بواعث التعبير عبر طموحاته السياسية من العقل السياسي العربي الذي هو في النهاية عقل القبيلة والغنيمة والعقيدة كما بيّن ذلك المفكر المغاربي محمد عابد الجابري في دراسته الرائدة عن ذلك.
اعود للقول ان الذات الكردية الجريحة كغيرها من الذوات الاخرى المجروحة في الشرق الاوسط، وعلى حد تعبير الكاتب العراقي سليم مطر في كتابه "الذات الجريحة"، لم تنجز ابحاثا في مجال العقل السياسي الكردي ولا في مجال القبيلة الكردية، وترك المجال نهبا للانطباعات النفسانية التي يحلو لها الحديث في غالب الاحيان عن خصائص اسطورية كالشجاعة والصبر تنفرد بها الشخصية الكردية عن غيرها، وهذا ما يقع به غالبية الباحثين في تاريخ كردستان مع ان هذا التاريخ كما يقول راندل حافل بالخيارات والغدر. والمفارقة ان الدراسة الاولى عند العشائر العراقية، وهي ريادية بكل معنى الكلمة مع انها لم تتجاوز حدود الوصف، هي الدراسة التي قام بها المحامي العراقي عباس العزاوي عن عشائر العراق والتي انطوت على اربعة مجلدات خص واحدا منها بالعشائر الكردية في شمال العراق.
في موازاة عمل العزاوي الضخم، كان احمد وصفي زكريا قد انجز كهاوٍ دراسته عن "عشائر بلاد الشام" في جزأين، وقد خص العشائر الكردية بما يقارب الـ20 صفحة من مجلده الضخم، وقد كان رياديا في بحثه ومع انه لم يكن انتربولوجياً كما اسلفنا. وفي رأيي، ان غياب الدراسات التي ألفها الكرد عن القبيلة الكردية، يرتد الى عوامل عدة، اولها التكوين الايديولوجي للانتليجنسيا الكردية التي تشكل معظمها في اطار الخطاب الماركسوي المعادي للقبيلة والعشيرة والذي بقي على طول مساره يعاني من فقر ثقافي مزمن، وثانيها: غياب التقاليد الانثروبولوجية وانحسارها في الجامعات الشرق الاوسطية، وثالثها: المكانة القوية لزعماء القبائل الكردية حيث تأتي الدراسة الانتروبولوجية الوصفية لتعزز من مكانتهم على حساب الانتليجنسيا الواعدة.
يتوزع الاكراد في عشائر وقبائل تمتد على طول الحدود السورية - التركية ابتداء من منطقة المالكية على الحدود السورية العراقية التركية وصولا الى شمال حلب حيث منطقة عفرين الحدودية. ويخضع عددهم امام غياب احصاء دقيق الى مبالغتين، فالخطاب السياسي الكردي الذي يستبطن كثيرا من المبالغة، يصل بالعدد الى مليونين وهو رقم مبالغ فيه ويمثل بحق احدى افرازات الذات الكردية الجريحة، والثاني هو تقديرات الدولة وهي غير رسمية، تسعى الى خفض عدد الاكراد الى ما يقارب النصف مليون.
وفي هذا السياق تسعى بعض التقديرات التي يسوقها بعض الخبراء من خارج المنطقة الى تقديم تقديرات موضوعية في هذا المجال، ففي كتابه "المجتمع والدولة في المشرق العربي" يقدر غسان سلامة عددهم بما يقارب 750 الفا بحيث يشكلون 8% من عدد السكان البالغ عشرة ملايين، وذلك اعتمادا على دراسة ديفيد ماكدول David Mcdowall عن "الاكراد" الصادرة في لندن عام .1985 ويذهب راندل الى القول "ان عدد اكراد سورية لا يتجازوز حدود المليون نسمة" ويشكلون 9% من الشعب السوري. ونحن نرجح ما جاء في دراسة غسان سلامة وذلك بعيدا عن مبالغات راندل الخطابية وحماسته الايديولوجية؟
يتوزع الاكراد كما اسلفنا، على وحدات عشيرية صغيرة واخرى قبلية كبيرة الحجم، وتمتد هذه الوحدات على طول الحدود السورية التركية، وتبدو هذه الوحدات في اجلى صورها في منطقة الجزيرة السورية، وذلك مع انقطاعات تغطيها بعض القبائل العربية كقبيلة طيء التي تمتد من الحدود التركية، وبالضبط من مدينة نصيبين التركية التاريخية حتى جبل سنجار داخل الحدود العراقية، وتغطيها بعض المدن التي باتت بمثابة بواصل وحواضر مدينية تقطع مع النزعة القبلية كمدينة القامشلي ومدن عامودا والدرباسية ورأس العين التي يمكن القول، وبالاخص في ما يتعلق بالمدن الثلاث الاخيرة، انها قد تكرّدت ان جاز التعبير، بعد هجرة سكانها الاصليين من مسيحيين وارمن وفئات مدينية نزحت من ماردين وديار بكر بعد ان تم ضمها الى تركيا، وكانوا حتى العام 1925 ضمن الخطوط الحدودية لدولة فيصل الاول في اطار اتفاق سايكس - بيكو.
السبت 07 نوفمبر 2009, 3:30 am من طرف زائر
» نسب عائلة سليمان التى تقطن فى مركز المنيا قرية صفط الغربية
السبت 07 نوفمبر 2009, 3:25 am من طرف زائر
» البحث عن أصل عائلة الصيفي
السبت 10 أكتوبر 2009, 10:13 am من طرف زائر
» الملحدون و ابوحنيفة
الأحد 04 أكتوبر 2009, 4:50 am من طرف الشافعي
» قبيلة الكلاحين العربية الكريمة
الأحد 04 أكتوبر 2009, 2:50 am من طرف م ايمن زغروت
» عربان العطايات بالصعيد
السبت 03 أكتوبر 2009, 3:16 am من طرف احمد القرعانى
» انساب عائلات و قبائل مصر
الجمعة 02 أكتوبر 2009, 4:58 am من طرف ابن الصمت
» انساب عائلات و قبائل محافظة الغربية
الجمعة 02 أكتوبر 2009, 4:11 am من طرف محمود
» كاريكايتيرات عربية مؤلمة
الخميس 01 أكتوبر 2009, 5:24 pm من طرف الشافعي